بيان رقم اثنان

صقور البعث

ماذا وراء التحاق زمرة علي الريح بالتطبيع ؟

قبل تناول هذه الموضوع البالغ الخطورة لابد من توضيح مهم جدا للرفاق خصوصا العرب لاهميته في ازالة اوهام تعطل اكتشاف مدى شرعية الزمرة التي تتستر باسم القيادة القومية لانها لم تعد تملك اي غطاء شرعي لها لسببين جوهريين السبب الاول انها انتخبت في عام 1992 في اخر مؤتمر قومي ،ومدة كل انتخاب هي خمس سنوات ولذلك فان الفترة الزمنية لها انتهت منذ عام 1997 ولكن ما ابقى غطاء شرعيا لها هو الشرعية الثورية التي تمتع بها القائد الشهيد صدام حسين الذي كان يقود ام المعارك وهي معركة كسر العظم مع اعداء الامة العربية كلها فكان يقود بقوة الشرعية الثورية التي تجاوزت في مدياتها وسعتها اي شرعية اخرى ومن شرعيته الثورية استمدت القيادة القومية شرعيتها ، وبعد غزو العراق تفجرت المقاومة العراقية بقيادة الرفيق عزة ابراهيم بعد اسر الرفيق الشهيد صدام حسين ، فتمتع الرفيق عزة ابراهيم بالشرعية الثورية في حرب تحرير الوطن ومنح جزء منها للقيادة القومية المنتهية الصلاحية، وعند وفاته انتهت الشرعية الثورية، وهكذا انكشفت الزمرة التي تتستر باسم القيادة القومية ولم يعد لديها اي تمثيل رسمي من الحزب لعدم عقد مؤتمر قومي .

اما السبب الاخر المهم لفقدانها للشرعية الحزبية فهو ان النصاب الرسمي للقيادة القومية التي انتخبت كان عددها 11 رفيقا انتخبوا فكان النصاب هو نصف زائد واحد اي ستة هو الحد الادنى لاستمرارية شرعية القيادة القومية، وهذا النصاب لايختلف عن اي نصاب يقرر توفر او غياب الشرعية سواء في برلمان او نادي رياضي او جمعية اوحزب، وكل هيئة تقود اذا فقدت من اعضاءها المنتخبين نصف زائد واحد انتهت شرعيتها وعليها التنحي او اعادة الانتخاب لتأهيلها مجددا والا تفقد حقها في التمثيل. وتلك من اهم قواعد الديمقراطية التمثيلية المعروفة في العالم .فهل ما يسمى القيادة القومية ينطبق عليها ذلك؟ اولا ان القيادة القومية المنتخبة فقدت تمثيلها في عام 1997 بعد مضي خمس سنوات على انتخابها وعدم التجديد الانتخابي لها، اي ان حوالي ربع قرن قد مر على فقدانها شرعية التمثيل، فهل سمعتم بقيادة تبقى تقود بعد زوال شرعيتها بربع قرن وقعت فيه احداث غيرت وجه العراق والامة العربية؟ وثانيا ان النصاب فقد بصورة صارخة فمن مجموع 11 رفيقا انتخبوا للقيادة القومية لم يبق الا اثنان هما علي الريح واحمد شوتري،وغاب عنها 9 اعضاء بالاعدام او الوفاة ، فهل تسمح قواعد الديمقراطية بكافة اشكالها باستمرار اثنين فقط من مجموع 11 بالعمل باسم نفس الهيئة المنتخبة والتي زال معظم اعضاءها؟ لو سألنا اي نصف متعلم لقال بان من بقي لايحق له باي شكل ادعاء انه مازال يمثل المؤتمر الذي انتخبه ولا القيادة القومية التي انبثقت عنه.

في ضوء ما تقدم فان الزمرة التي تستخدم اسم القيادة القومية لاتمثل القيادة القومية بل تمثل اثنان منها فقدا شرعية الانتخاب وشرعية النصاب في او واحد مما يجعلهما خارج اي شرعية حزبية،وتلك الواقعة تجعلنا نؤكد بان من يتولى عملية التأمر على الحزب في العراق وفي غيره انما هي زمرة خارجة على الديمقراطية والشرعية الحزبية ولها ارتباطات مشبوهة وخطيرة تنفذ مخططات ابرزها اجتثاث البعث من داخله بعد ان فشل الاجتثاث من خارجة بالابادات الجماعية لاكثر من 180 الف رفيق بعثي. اما الانحراف الذي يكشف مشبوهية هذه الزمرة اكثر فهو اقدامها على خطوة تؤكد بلا اي شك انها منغمسة حتى شعر الرأس بالتعاون مع الصهيونية واعداء الامة الاخرين. وهذا التوضيح يكفي لفضح هذه الزمرة التي تمادت في تخريب الحزب وكوادره وقيادته التاريخية المعروفة المجربة والتي كان لها الدور الاهم في اعادة بناء الحزب بعد غزو العراق في حين كان علي الريح واحمد شوتري يتفرجان طوال اكثر من ثلاثة سنوات بعد غزو العراق وهما يكتفيان بمتابعة مقاومة العراق خصوصا الفصائل البعثية منها، وهو ما دفع الرفيق عزة ابراهيم رحمه الله لتوجيه نقد حاد جدا لهذه الزمرة ووصفها بالفشل والتأمر وتخريب التنظيم وسننشر رسائله الاخرى لاثبات كل ذلك .

والمطلوب الان تناول التطبيع الذي اقدمت عليه هذه الزمرة فالمؤشرات القوية والواضحة تتزايد وهي تؤكد ان انحراف زمرة علي الريح لايقتصر على مجال واحد وهو تعمد ابعاد قيادات البعث وكوادره في العراق بدون اي مسوغات نظامية وطبقا لاتهامات لايجري اي تحقيق اصولي بشأنها ،بل امتد انحرافه الى مجال هو الاكثر حساسية وتناقضا مع الاسس التي بنيت عليها عقيدة الحزب القومية والتي تعتبر كل ارض عربية محتلة واجبة التحرير وفي مقدمتها فلسطين ولهذا قاتل رفاقنا في عام 1948 عندما اسس الكيان الصهيوني ، وواصل البعث تمسكه بهذا الموقف الاصيل وتحمل من اجله تضحيات هائلة كان اخطرها اسقاط النظام الوطني لانهاء حكم البعث الرافض للاعتراف بالكيان الصهيوني رفضا تاما، ورفضه العروض الكثيرة بان يتخلى عن قضية فلسطين مقابل رفع الحصار وتقديم كافة اشكال الدعم التكنولوجي والسياسي للعراق ومساعدته على التحول الى اهم مركز استقطاب اقليمي.

ومن مفاخر البعث القومية هو تتويج القائد الشهيد صدام حسين الامين العام للحزب حياته وهو يعدم بالهتاف بحياة فلسطين وعروبتها،(عاشت فلسطين حرة عربية)، ورغم هذا فان زمرة علي الريح كانت العامل الاكثر تأثيرا فيما اقدم عليه التنظيم الحزبي في فلسطين للانخراط في السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية ودعمها وتميز موقف الزمرة بالدعم المطلق لمحمود عباس رغم انه وحكومته يمثلان النموذج المثالي للتطبيع والخضوع للكيان الصهيوني وكان ذلك مؤشرا خطير لوجود انحراف عن عقيدة الحزب وستراتيجته القومية التاريخية الثابتة والقائمة في احد اركانها على التمسك بتحرير كل فلسطين.وجاء قرار قيادة قطر السودان بالمشاركة في حكومة تطبيع رسمي ليؤكد وجود انحراف جوهري عن احد اهم ثوابت الحزب القومية النابعة من صلب عقيدته القومية.

ان قيادة قطر السودان تشترك الان في الحكومة السودانية ولديها وزير في الحكومة ولديها عضو في مجلس السيادة وهذا الاشتراك يسبغ على الحزب صفة المشارك رسميا بالتطبيع، وهو اشتراك فعال وليس رمزي كما يروج البعض، اما التبريرات التافهة لتلك المشاركة فهي ساقطة ولايقبلها حتى السذج لان وجود حكومة تطبع تجعل كل عضو فيها يتحمل المسؤولية القانونية والادبية لكافة قراراتها ،وفي كل العالم فان المشارك في اي حكومة هو اعتراف رسمي بانه يتحمل تبعات كل مواقفها ، ولهذا وجد الانسحاب من الحكومة في حالة تعارض مواقف شخص او حزب مع مواقف الحكومة التي يشارك فيها ،ولا يقبل من قيادة قطر السودان اي تبرير مهما كان للمشاركة في حكومة تصر على التطبيع وتوسعه في تحد مباشر للارادة العربية.

وهناك خطوة اخرى اغرب ولكن دلالاتها عميقة وبعيدة وتفسر الكثير من غوامض موقف علي الريح ، فقد اختارت هذه الزمرة الانحراف عن عقيدة البعث وستراتيجيته القومية بتطوعها باصدار نعي لصائب عريقات عندما توفي باسم القيادة القومية! بل انها امعنت في احتقار الحزب وتاريخه ونضاله وتضحيات الالاف من شهدائه حينما طلبت من قيادات الاقطار اصدار نعي لصائب عريقات وصدرت بالفعل بيانات نعي من قيادات الاقطار، وهو امر لم يحصل في تاريخ الحزب! ولكي يدرك الرفاق وكافة ابناء امتنا العربية خطورة النعي الشامل باسم الحزب نؤكد انه رسالة انبطاح واضحة ووقحة لامريكا وللكيان الصهيوني تقول بان الزمرة التي اختطفت اسم القيادة القومية تنخرط علنا في مسيرة الاعتراف باسرائيل، وما المشاركة في حكومة مطبعة الا اول خطوة في هذه المسيرة وتلك الخطوة تتطلب تبريرا ينكر التطبيع ويغطيه بحجج واهية تهدف الى تضليل الرفاق ثم وضعهم لاحقا امام واقع مرير محرج لهم !ولمن لايعرف من هو صائب عريقات نشير الى ان لقبه الرسمي هو (كبير المفاوضين الفلسطينيين)وهو مهندس التطبيع والذي فاوض اسرائيل طوال 30 عاما!

فهل عرفتم الان معنى ودلالات بيانات النعي التي اصدرتها هذه الزمرة وقيادات الاقطار بطلب منها ؟ انها رسالة لاشك فيها لامريكا واسرائيل والصهيونية العالمية تؤكد بان هناك قادة في حزب البعث انخرطوا في عملية التطبيع والاستسلام للكيان الصهيوني،والسذج فقط من يصدقون بيانات الزمرة التي اكدت فيها ان مشاركتها في الحكومة السودانية ليس تطبيعا وانها ضده !ومما يزيد الامر خطورة ويكشف الزمرة ان صائب عريقات ايضا عشيق تسيبي ليفني رئيسة وزراء اسرائيل ووزيرة خارجيتها سابقا وكانت في شبابها وكما اعترفت في مذكراتها تقوم باغتيال الناشطين الفلسطينيين في اوربا ،وهي اعترفت في مذكراتها ايضا بانها كانت على علاقة جنسية مع صائب عريقات وصورت ممارسة الجنس معه بأفلام وصور! فصائب عريقات ليس مطبعا اصيلا فقط بل هو كان على علاقات حميمة مع اسرائيل جنسا وسياسة !

وصائب عريقات كانت مصلحة اسرائيل وامريكا هي ابقائه حيا مكافئة له على دوره الفريد في التطبيع ، فعندما تلفت رئتيه زرعت امريكا له رئتين وابقته حيا، وعندما اصيب بعد سنوات بفايروس كوفيد 19 لم يذهب الى مستشفيات الاردن القريبة منه ولا لاي مستشفى اخر في الوطن العربي والعالم بل ادخل مستشفى هداسا الاسرائيلي الشهير واخضع لرعاية فائقة من اجل انقاذه لكنه مات ! فجاء نعي هذه الزمرة له بأسم القيادة القومية وقيادات الاقطار له كعلامة عار وانحراف جذري عن عقيدة الحزب وتاريخه ونضاله اقدمت عليها ، وعار النعي هذا سجل على حزبنا وعلى المناضلين البعثيين تطهيره وباسرع وقت ومعاقبة من لوثوا سمعته .

ان الموقف الذي ااتخذته هذه الزمرة في السودان بالاشتراك في الحكومة المطبعة لم يكن عملا اضطراريا كما ادعت لان نعي صائب عريقات اختياري ولا مبرر له!ان قيام الزمرة بالتطبيع وبمحاولة تصفية قادة الحزب في العراق هما وجهان لمحاولة لارضاء امريكا لان القادة البعثيين العراقيين المستهدفين تكن امريكا لهم عداء مزمن ومكشوف لمواقفهم المعروفة عربيا وعالميا بالنضال ضد الاحتلال حيث الحقت المقاومة العراقية بها عار الهزيمة وكان لقيادة قطر العراق الدور الحاسم في ذلك الانجاز التاريخي العظيم. وقبله ضد الحصار وغيره، فامريكا رفعت العقوبات عن السودان وقدمت دعما ماليا لحكومة التطبيع مكافئة على تطبيعها وزادت امريكا الدعم فقام صندوق النقد الدولي بتقديم قروض للسودان! وكل تلك الاشكال من الدعم الامريكي الغربي والصهيوني للسودان مكافئة للمطبعين ومنهم علي الريح !

تذكروا ايها العرب حالة العراق تحت الحصار وكيف منعت امريكا حتى اقلام الرصاص والدواء لانها كانت تريد اسقاط النظام الوطني ونفس امريكا والصهيونية الان يقدمان افضل اشكال الدعم لحكومة السودان التي يشارك فيها الحزب! فلم تناقض موقف امريكا في العراق مع موقفها في السودان الان؟ بل ان من يربط بين الحدثين في العراق حيث كانت ضغوطات الحصار قاتلة ويقارن الوضع بالسودان الان حيث رفعت المقاطعة وقدم دعم غربي وصهيوني للحكومة ماليا وسياسيا ورفع اسم السودان من قائمة داعمي الارهاب يصل القناعة التامة بان حكومة السودان بكافة مكوناتها تنفذ حرفيا كافة الشروط الامريكية والصهيونية! وعند الربط بين اقدام زمرة علي الريح على ممارسة التطبيع بمحاولتها اقصاء قادة الحزب في العراق وهم الذين عرف عنهم انهم متمسكون بالحق الفلسطيني نرى ان تلك المحاولات هي مطلب امريكي وصهيوني فهل هذا هو الاخلاص للحزب وتاريخه وعقيدته ومسيرته ام انه وقوع في احضان الصهيونية والغرب ؟

وما يزيد الامر خطورة هو ان حكومة السودان الحالية مسيطر عليها من قبل العسكر وهم القوة الضاربة المقررة فيها وليس المدنيين بدليل انها من اتخذ قرار التطبيع، ومادامت القوة الضاربة في الحكومة هي العسكر فان التطبيع سوف لن يتوقف وسيواصل خطواته المرسومة حتى لو بقي الحزب يكرر ببيانته رفض التطبيع ، لان هذه البيانات لاتلغي حقيقة انه جزء من حكومة تطبع وتواصله .ان العسكر في السودان بحاجة لغطاء شعبي لاضفاء نوع من القبول لسياساتهم المنحرفة والغطاء هو قوى سياسية وطنية وفي مقدمتها حزبنا الذي يتخذه العسكر غطاء وطنيا للتطبيع وتكريسه! فالوطني المشارك في حكومة تطبع بأصرار يضلل الوطنيين العرب خصوصا رفاقه عندما يدين التطبيع لفظيا فقط،وهو تكتيك مكشوف سبق لدول واحزاب ان مارسته لاخفاء انغماسها في التطبيع والاعتراف بأسرائيل ، لذلك فان الوطنيين حرصا على وطنيتهم يرفضون التحول الى غطاء لعملية خطيرة تهدد مستقبل الامة كلها وليس السودان وحده .فهل يمكن لحزبنا ان يكون غطاء للتطبيع يموه به مخاطره ويقلل من شأنه ؟

ان البقاء في حكومة مطبعة فيه مصلحة للعسكر ولبقية المطبعين في السودان لانه يوفر ما يعتبر غطاء متعدد الاطراف للتطبيع فلا يبدو كأنه قرار العسكر والمدنيين المطبعين بل هو قرار شعبي قبلته اغلب القوى السياسية وهكذا تمرر كافة خطوات التطبيع .اما القول بان البقاء في الحكومة يمنع التراجعات او يقلل منها فهو تفسير غير صحيح ويستخدم لمواصلة المشاركة في التطبيع والتمادي فيه. الامر الذي يضع حزبنا امام تناقض حاد بين موقف قطر السودان والموقف المبدأي الثابت للحزب وهو مقاومة التطبيع ومواصلة النضال الشعبي كوسيلة لتحرير فلسطين وليس الحكومات وهو ما اكده الرفيق القائد المؤسس احمد ميشيل عفلق مرارا وثبت في نضال الحزب .ومن المؤشرات الخطيرة جدا هو ان الحكومة السودانية قبلت بالخضوع لشروط المؤسسات المالية الدولية وهي شروط قاسية تضمن اخضاع اي نظام يقترض منها او يقبل منحها ولا يمكنه الافلات منها لوجود التزامات قانونية وافق عليها والا تقوم بأسقاطه او تعريضه للعقوبات .

ان اشتراك حزبنا في السودان في حكومة مطبعة ومندفعة بحماس للتطبيع يحمل الحزب مسؤولية تاريخية خطيرة عن موقفها فلم يحصل ان شارك الحزب في حكومة او موقف تحيطه شبهات تطبيع وكان نضاله مركزا على فضح المطبعين. فكيف يمكن تبرير الاشتراك في حكومة مطبعة والمطبوعون فيها هم اسياد الحكومة ؟ في ضوء ما تقدم نحن لانفهم موقف الزمرة المرتدة وليس له اي تبرير مقنع حتى بالحد الادنى وهو دخل تاريخ الحزب والمنطقة كلها مشيرا الى ان البعث في مرحلة ما قد شارك في التطبيع رغم انه يدينه في مفارقة صادمة، وكل ذلك يحملنا مسؤولية تاريخية عن غسل عار موقف زمرة الردة الوطنية والقومية هذا لانه مناقض جذريا لعقيدة الحزب وستراتيجيته القومية .

صقور البعث ا. بتاريخ 18-7-2021